القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ﴾.
أمَّا الطُّورُ فإنه الجبلُ في كلامِ العربِ، ومنه قولُ العَجَّاجِ (١):
دانَى جناحَيْهِ (٢) مِن الطُّورِ فمَرّ
تَقَضِّىَ (٣) البازِى إذا البازِى كَسَرْ (٤)
وقيل: إنه اسمُ جبلٍ بعينه. وذكَروا (٥) أنه الجبلُ الذى ناجَى اللهُ عليه موسى.
وقيل: إنه مِن الجبالِ ما أنْبَتَ دون ما لم يُنْبِتْ.
ذكرُ مَن قال: هو الجبل كائنًا ما كان
حدَّثنى محمدُ بنُ عمرٍو، قال: حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مُجاهِدٍ، قال: أمَر موسى قومَه أن يَدْخُلُوا البابَ سُجَّدًا ويَقُولوا: حِطَّةٌ. وطُؤْطِئ لهم (٦) البابُ ليَسْجُدوا، فلم يَسْجُدوا ودخَلوا على أدْبارِهم، وقالوا: حِنْطةٌ. فنتَق فوقَهم الجبلَ -يقولُ: أخْرَج أصْلَ الجبلِ مِن الأرضِ، فرفَعه فوقَهم كالظُّلَّةِ- والطُّورُ بالسُّريانيةِ الجبلُ -تخويفًا، [فدخَلوا سُجَّدًا على خوفٍ- أو حَرْفٍ، شكَّ أبو عاصمٍ](٧) -أعينُهم إلى الجبلِ، هو الجبلُ الذى تجَلَّى له ربُّه (٨).
(١) ديوانه ص ٢٨. (٢) دانى جناحيه: ضمهما. (٣) تقضى: أصلها: تقضَّض، فقلب الضاد الأخيرة ياء استثقالًا. وتقضض الطائر: هوى في طيرانه يريد الوقوع. تاج العروس (ق ض ض). (٤) كسر: إذا ضم من جناحيه شيئا وهو يريد الوقوع أو الانقضاض. التاج (ك س ر). (٥) في م: "ذكر". (٦) في الأصل: "عليهم". (٧) في م: "أو خوفا، شك أبو عاصم، فدخلوا سجدا على خوف". (٨) تفسير مجاهد ص ٢٠٣، ٢٠٤، وتقدم أوله في ١/ ٧١٤.