في [حيَّيْن دينُهما واحدٌ، وبلدُهما](١) واحدٌ، ديةُ بعضِهم ضعفُ ديةِ بعضٍ! إنما أعْطَيْناكم هذا فَرَقًا منكم وضَيْمًا، فاجْعَلوا بينَنا وبينَكم محمدًا (٢). فتراضَيَا على أن يَجْعَلُوا النبيَّ ﷺ بينَهم، ثم إن العزيزة تذاكرتْ (٣) بينَها، فخشِيَت ألا يُعْطِيَها النبيُّ ﷺ مِن أصحابها ضِعفَ ما تُعْطى أصحابَها منها، فدَسُّوا إلى النبيِّ ﷺ إخْوانَهم مِن المنافقين، فقالوا لهم: اخْبُرُوا لنا رأْىَ محمدٍ (٢)، فإن أعطانا ما نُرِيدُ حكَّمناه، وإن لم يُعْطِنَا حَذِرْناه ولم نُحَكِّمُه. فذهَب المنافِقُ إلى النبيِّ ﷺ، فأَعْلَم اللهُ تعالى ذكرُه النبيَّ ﷺ ما أرادوا مِن ذلك الأمرِ كلِّه. قال عبيدُ اللهِ: فأنْزَل اللهُ تعالى ذكرُه فيهم: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾ هؤلاء الآياتِ كلَّهن، حتى بلَغ: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ﴾ إلى: ﴿لَفَاسِقُونَ﴾. قرَأ عبيدُ اللَّهِ ذلك آيةً آيةً، وفَسَّرها على ما أُنْزِل، حتى فرَغ مِن (٤) تفسيرِ ذلك لهم في الآياتِ، ثم قال: إنما عُنِى بذلك يهودُ، وفيهم أُنْزِلَت هذه الصفةُ (٥).
وقال بعضُهم: عُنِى بالكافرين أهلُ الإسلامِ، وبالظالمين اليهودُ، وبالفاسقين النصارَى.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن وكيعٍ قال: ثنا أبي، عن زكريا، عن عامرٍ، قال: نزَلَت:
(١) سقط مِن: س، وفى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "حي دينهم واحد وبلدهم". (٢) بعده في النسخ: "ﷺ". واليهود لا تقوله. (٣) في ص: "يكرب"، وفى ت ١: "فكرت"، وفى س: "ذكرت". (٤) زيادة يستقيم بها السياق. (٥) أخرجه أحمد ٤/ ٨٨ - ٩٠ (٢٢١٢)، وأبو داود مختصرا (٣٥٧٦)، والطبراني (١٠٧٣٢) من طريق ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله، عن ابن عباس بنحوه.