حدَّثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن يَعْلَى بن مسلمٍ، قال: سمِعْتُ سعيدَ بنَ جبيرٍ يُفَسِّرُ هذا الحرفَ: ﴿وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا﴾. قال: أخْلَصْناك إخلاصًا.
وقد بيَّنا فيما مضَى من كتابِنا هذا معنى "الفتنةِ"، وأنها الابتلاءُ والاختبارُ، بالأدلةِ المُغْنيةِ عن الإعادةِ في هذا الموضعِ (٢).
وقولُه: ﴿فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ﴾. وهذا كلامٌ (٣) قد حُذِف منه بعضُ ما به تمامُه؛ اكتفاءً بدلالةِ ما ذُكِر عما حُذِف. ومعنى الكلامِ: وفتَنَّاك فُتونًا، فخرَجْتَ خائفًا إلى أهلُ مَدْينَ، فلبثْتَ سنينَ فيهم.
وقولُه: ﴿ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: ثم جئتَ للوقتِ الذي أرَدْنا إرسالَك إلى فرعونَ رسولًا ولمقدارِه.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى﴾. يقولُ: لقد جئتَ لميقاتٍ يا موسى (٤).
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٩٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. (٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٣٥٦، ٣٥٧. (٣) في الأصل، م، ف: "الكلام". (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٠١ إلى المصنف.