وإنما جعَلَ الله جلَّ وعزَّ الخبَرَ عن عِدَّةِ خَزَنَةِ جهنم فتنةً للذين كفروا؛ لتكذيبهم بذلك، وقولِ بعضِهم لأصحابِه: أنا أكْفِيكُموهم.
ذكرُ الخبر عمَّن قال ذلك
حدثَّني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ﴿تِسْعَةَ عَشَرَ﴾. قال: جُعِلوا فتنةً، قال أبو الأشدِّ بنُ الجُمَحِيِّ: لا يبلغون رَتْوَتى (١) حتى أُجْهِضَهم عن جهنمَ (٢).
وقولُه: ﴿لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: لِيَسْتَيْقِنَ أَهلُ التوراةِ والإنجيلِ حقيقةَ ما في كُتُبهم من الخبرِ عن عدَّةِ خَزَنَةِ جهنَم، إذا (٣) وافَق ذلك ما أَنْزَل الله ﷿ في كتابِه على محمدٍ ﷺ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثَّني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا﴾. قال: وإنَّها في التوراةِ والإنجيلِ تسعَةَ عشَرَ. فأراد اللهُ أَنْ يَسْتَيْقِنَ أهل الكتابِ، ويزداد الذين آمنوا إيمانًا (٤).
(١) الرَّتْوة: أي رمية سهم. وقيل: بميل. وقيل: مدى البصر. النهاية ٢/ ١٩٥. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢٦/ ٢٨٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر. (٣) في م: "إذ". (٤) ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٨/ ٣٧٦، والطوسي في التبيان ١٠/ ١٨٢.