فمن ذُرِّيتِهما مهتدٍ إلى الحقِّ مُستَبْصِرٌ، ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ﴾. يعني: من ذرِّيتِهما، ﴿فَاسِقُونَ﴾. يعني: ضُلَّالٌ، خارِجون (١) عن طاعةِ اللَّهِ إلى معصيتِه.
يقولُ تعالى ذكرُه: ثم أَتْبَعْنا على آثارِهم برسلِنا الذين أرسَلناهم بالبيِّنات، و (٢) على آثارِ نوحٍ وإبراهيمَ برسلِنا، وأَتْبَعْنا بعيسى ابنِ مريمَ، ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ﴾. يعني: الذين اتَّبَعوا عيسى على منهاجِه وشريعتِه، و ﴿رَأْفَةً﴾. وهو أشدُّ الرحمةِ (٣)، ﴿وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا﴾. يقولُ: أحدَثوها، ﴿مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾. يقولُ: ما افتَرَضْنا تلك الرهبانيةَ عليهم، ﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ﴾. يقولُ: لكنهم ابتدَعوها ابتغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ، ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾.
واختلَف أهلُ التأويلِ في الذين لم يَرْعَوا الرهبانيةَ حقَّ رِعايتِها؛ فقال بعضُهم: هم الذين ابْتَدَعوها، لم يَقوموا بها، ولكنهم بدَّلوا وخالَفوا دينَ اللَّهِ الذي بعَث به عيسى؛ فتَنَصَّروا وتَهَوَّدوا.
(١) في ص، ت ١، ت ٢: "خروج". (٢) سقط من: م. (٣) في ص، ت ١، ت ٣: "الرقة"، وفي ت ٢: "الرأفة". وفي التاج (ر أ ف): الرأفة أشد الرحمة أو أرقّها.