وقولُه: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾. يقولُ تعالى ذكره: تُخَرِّبُ كُلَّ شيءٍ، وتَرْمى بعضَه على بعضٍ فتُهْلِكُه، كما قال جريرٌ (٢):
وكان لكم كَبكْرِ ثَمُودَ لمَّا … رغا ظُهْرًا فَدَمَّرَهُمْ دَمارا
يعنى بقولِه: دمَّرهم: ألقَى بعضهم على بعضٍ صَرْعَى هَلْكَى.
وإنما عَنَى بقوله: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾، مما أُرسِلَتْ بهلاكِه؛ لأنها لم تدمِّرْ هودًا ومَن كان آمَن به.
حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا طَلْقٌ، عن زائدةَ، عن الأعمشِ، عن المنهالِ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: ما أرسَل اللهُ على عادٍ مِن الريحِ إلا قدْرَ خاتَمى هذا. فنزع خاتمَه (٣).
وقولُه: ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾. يقولُ: فأصبَح قومُ هودٍ وقد هلَكوا وفَنَوْا، فلا يُرَى في بلادِهم شيءٌ إلا مساكنُهم التي كانوا يسكُنونها.
واختلفَت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ:(لا ترى إلَّا مَساكنَهم) بالتاءِ نصبًا (٤). بمعنى: فأصبَحوا
(١) عزاه الحافظ في الفتح ٨/ ٥٧٨ إلى المصنف. (٢) البيت للفرزدق، كما تقدم في ١٤/ ٥٣٣. (٣) أخرجه الحاكم ٢/ ٤٥٥ من طريق الأعمش به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٤ إلى عبد بن حميد. (٤) هي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبي عمرو والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥٩٨.