واختَلف أهلُ العلمِ في صفةِ حُضُورِهم كان (١) رسولَ اللهِ ﷺ؛ فقال بعضُهم: حضَروا رسولَ اللهِ ﷺ يَتَعرَّفون الأمرَ الذي حدَث مِن قِبَلِه ما حدَث في السماءِ، ورسولُ اللهِ ﷺ لا يَشْعُرُ بمكانِهم، كما قد ذكَرنا عن ابن عباسٍ قبلُ.
وكما حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا هَوْذَةُ، قال: ثنا عوفٌ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ﴾. قال: ما شعَر بهم رسولُ اللهِ ﷺ حتى جاءوا، فأوحَى اللهُ ﷿ إليه فيهم، وأخبَر عنهم.
وقال آخرون: بل أُمِر نبيُّ اللهِ ﷺ أن يَقْرَأَ عليهم القرآنَ، وأنما جُمِعوا له بعدَ أن تقدَّمَ اللهُ إليه بإنذارِهم، وأمَره بقراءةِ القرآنِ عليهم.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ﴾. قال: ذُكِر لنا أنهم صُرِفوا إليه من نِينَوَى. قال: فإن نبيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسل - قال:"إنى أُمِرْتُ أن أقرَأَ القرآنَ على الجنِّ، فأيُّكم يَتْبَعُنى؟ " فأطرَقوا، ثم استتبَعَهم فأطرَقوا، ثم استتَبعهم الثالثةَ فأطرَقوا، فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ [إنك لذو بَدِيئةٍ](٢). فاتَّبَعَه عبدُ الله بنُ مسعودٍ، فدخَل رسولُ اللهِ ﷺ شِعْبًا يُقالُ له شِعبُ الحَجُونِ. قال: وخَطَّ نبيُّ اللهِ ﷺ على عبدِ اللهِ خَطًّا ليُثْبِتَه (٣) به. قال: فجعَلتْ تهوِى بى، وأرى أمثالَ النُّسورِ تَمْشِي في دُفوفِها، وسمِعتُ
(١) سقط من: م، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "مكان". (٢) في م: "بدئة"، وكذا رسمت في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، والمثبت موافق لما في مخطوطة ابن كثير ففيه: "إن ذاك لذو بدأة"، وإنك لذو بديئة: أي لك أن تبدأ قبل غيرك. ينظر اللسان (ب د أ). (٣) أثبت فلانًا: حبسه. اللسان (ث ب ت).