الجناتِ التي أنشأنا لهم، وما عَمِلت أيديهم مما غرَسوا هم وزرَعوا.
و "ما" التي في قولِه: (وَما عَمِلَتْ (١) أيديهم) في موضعِ خفضٍ، عطفًا على الثمرِ، بمعنى: ومِن الذي عَمِلت أيديهم (٢). وهي في قراءةِ عبدِ اللهِ فيما ذُكِر:(ومِمَّا (٣) عَمِلَتْهُ) بالهاءِ، على هذا المعنى، فالهاءُ في قراءتِنا مُضمَرةٌ؛ لأن العربَ تُضْمِرُها أحيانًا وتُظْهِرُها في صِلاتِ "مَن" و "ما" و "الذي". ولو قيل:"ما" بمعنى المصدرِ، كان مذهبًا، فيكونُ معنى الكلامِ: ومِن عمل أيديهم. ولو قيل: إنها بمعنى الجَحْدِ، ولا موضعَ لها كان أيضًا مذهبًا، فيكونُ معنى الكلامِ: ليَأْكُلوا من ثمرِه، ولم تَعْمَلُه أيديهم.
وقولُه: ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ﴾. يقولُ: أفلا يَشْكُرُ هؤلاء القومُ الذين رزَقناهم هذا الرزقَ، من هذه الأرضِ المَيْتَةِ التي أحْيَيْناها لهم، مَن رَزَقهم ذلك وأنعم عليهم به.
قال أبو جعفرٍ ﵀: يقولُ تعالى ذكرُه: تنزيهًا وتبرِئةً للذى خلَق الألوانَ المختلفةَ كلَّها من نباتِ الأرضِ، ﴿وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾. يقولُ: وخلَق من أولادِهم ذكورًا وإناثًا، ﴿وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾ أيضًا من الأشياءِ التي لم يُطْلِعْهم عليها، خلَق كذلك أزواجًا مما يُضِيفُ إليه هؤلاء المشركون، ويَصِفُونه به من الشركاءِ، وغيرَ ذلك.
= وهى اختيار المصنف - وقرأ الباقون: ﴿وما عملته﴾ بالهاء. ينظر الكشف عن وجوه القراءات السبع ٢/ ٢١٦، وحجة القراءات ص ٥٩٨. (١) في ت ١، ت ٢: "عملته". (٢) سقط من: م، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٣) في الأصل، ومعاني القرآن للفراء ٢/ ٣٧٧: "ما"، والمثبت موافق لما في تفسير ابن كثير ٦/ ٥٦١، وقراءة: (مما عملته) شاذة.