يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: قلْ يا محمدُ لهؤلاء العادِلِين بربِّهم الأندادَ، الداعيك إلى عبادةِ الأوثانِ: أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لربِّ العالمين، الذي خلَق السماواتِ والأرضَ بالحقِّ، لا مَن لا يَنْفَعُ ولا يَضُرُّ، ولا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ.
واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿بِالْحَقِّ (١)﴾؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: وهو الذي خلَق السماواتِ والأرضَ حقًّا وصواباً، لا باطلاً وخطأً، كما قال تعالى ذكرُه: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا﴾ [ص: ٢٧]. قالوا: وأُدْخِلَت فيه الباءُ والألفُ واللامُ كما تَفْعَلُ العربُ في نظائرِ ذلك، فتقولُ: فلانٌ يقولُ بالحقِّ. بمعنى: أنه يقولُ الحقَّ. قالوا: ولا شيءَ في قولِه بالحقِّ غيرَ إصابِته الصوابَ فيه، [لا أن](٢) الحقَّ معنًى غيرُ القولِ، وإنما هو صفةٌ للقولِ، إذا كان بها القولُ كان القائلُ موصوفًا بالقولِ بالحقِّ، وبقولِ الحقِّ. قالوا: فكذلك خلقُ السماواتِ والأرضِ، حكمةٌ مِن حكمِ اللهِ، فاللهُ موصوفٌ بالحكمةِ في خلقِهما، وخلقِ ما