حدَّثني سعيدُ بنُ الرَّبيعِ، قال: ثنا سفيانُ، عن هشامِ بن عروةَ، عن أبيه، قال: قالت لى عائشةُ: إن كان أبَوَاك لمن الذين استجابوا للَّهِ والرسولِ من بعدِ ما أصابهم القرحُ. تعنى أبا بكرٍ والزبيرَ (١).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مغيرةَ، عن إبراهيمَ، قال: كان عبدُ اللَّهِ من الذين استجابوا للَّهِ والرسولِ (٢).
قال أبو جعفرٍ: فوعَد اللَّهُ مُحسِنَ مَن ذكَرنا أمرَه - من أصحابِ رسولِ اللَّهِ ﷺ؛ الذين استجابوا للَّهِ والرسولِ من بعدِ ما أصابهم القَرْحُ، إذا اتَّقى اللَّهَ ﷿ فخافه، فأدَّى فرائضَه، وأطاعه في أمرِه ونهيِه فيما يَستقبِلُ من عُمُرِه - أجرًا عظيمًا، وذلك الثوابُ الجزيلُ، والجزاءُ العظيمُ، على ما قدَّم من صالحِ أعمالِه في الدنيا.
يعنى بذلك تعالى ذِكرُه: وأن اللَّهَ لا يُضيعُ أجرَ المؤمنين، الذين قال لهم الناسُ: إن الناسَ قد جمَعوا لكم. و ﴿الَّذِينَ﴾ في موضعِ خفضٍ، مردودٌ على ﴿الْمُؤْمِنِينَ﴾. وهذه الصفةُ من صفةِ الذين استجابوا للَّهِ والرسولِ. و ﴿النَّاسُ﴾ الأوَّلُ: هم قومٌ - فيما ذُكِر لنا - كان أبو سفيانَ قد سأَلهم أن يُثبِّطوا رسولَ اللَّهِ ﷺ وأصحابَه الذين خرَجوا في طلَبِه بعدَ مُنصرَفِه عن أُحدٍ إلى حَمراءِ الأسَدِ. و ﴿النَّاسُ﴾ الثاني: هم أبو سفيانَ وأصحابُه من قريشٍ الذين كانوا معه بأُحدٍ.
(١) أخرجه الحميدى (٢٦٣)، وسعيد بن منصور في سننه (٥٤٥ - تفسير)، وابن ماجه (١٢٤)، وابن أبي داود في مسند عائشة (١٦)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٨/ ٣٥٨، ٣٥٩، من طريق سفيان به بنحوه. وأخرجه ابن سعد ٣/ ١٠٤، والبخاري (٤٠٧٧)، ومسلم (٢٤١٨)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨١٥ (٤٥٠٧)، والحاكم ٢/ ٢٩٨، والبيهقي في دلائل النبوة ٣/ ٣١٢ من طريق هشام بن عروة به بنحوه. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٠٢ إلى المصنف.