اللَّهُ﴾؛ فقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: هي زائدةٌ هاهنا. قال (١): وقد عمِلت كما عمِلت "لا" وهي زائدةٌ وجاء في الشعرِ (٢):
لو لم تكنْ غَطَفانُ لا ذُنوبَ لها … إلىَّ لامت (٣) ذوُو أحسابِها عُمرا
وقد أَنْكر ذلك من قولِه بعضُ أهلِ العربيةِ، وقال: لم تدخلْ "أن" إلَّا لمعنًى صحيحٍ؛ لأن معنى ﴿وَمَا لَهُمْ﴾: ما يمنَعُهم من أن يُعَذَّبوا. قال: فدخَلت "أن" لهذا المعنى، وأُخرِج بـ "لا"، ليُعلمَ أنه بمعنى الجَحدِ؛ لأن المنعَ جَحْدٌ. قال: و "لا" في البيتِ صحيحٌ معناها؛ لأن الجحدَ إذا وقَع عليه جَحْدٌ صار خبرًا. وقال: ألا ترى إلى قولِك: ما زيدٌ ليس قائمًا. فقد أوْجَبت القيامَ (٤)؟ قال: وكذلك "لا" في هذا البيتِ.
يقولُ تعالى ذكرُه: وما لهؤلاء المشركين ألا يعذِّبَهم اللهُ وهم يصُدُّون عن المسجدِ الحرامِ، ولم يكونوا أولياءَ اللهِ. ﴿إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ﴾، يقولُ: ما أولياءُ اللهِ ﴿إِلَّا الْمُتَّقُونَ﴾. يعنى: الذين يتَّقون اللهَ بأداءِ فرائضِه، واجتنابِ معاصِيه. ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: ولكنَّ أكثرَ المشركين لا يعلَمون أن أولياءَ اللهِ المتقون، بل يحسَبون أنهم أولياءُ اللهِ.
وبنحوِ ما قلنا [في ذلك](٥) قال أهلُ التأويلِ.
(١) سقط من: م. (٢) تقدم في ٤/ ٤٤٥. (٣) في م، ف: "لام". (٤) لأن النفى للنفى إثبات. (٥) ليس في الأصل، ص، م، ت ١، ت ٢، س.