يقول تعالى ذكره: الوادى الذي يسيلُ من صديدِ أهلِ جهنمَ في أسفلها، للذين يُطَفِّفون. يعنى: للذين ينقُصون الناسَ، ويَبْخَسونهم حقوقَهم في مكاييلِهم إذا كالُوهم، أو موازينهم إذا وزَنوا لهم عن الواجبِ لهم من الوفاءِ. وأصلُ ذلك من الشيءِ الطفيفِ، وهو القليل النَّزْرُ، والمطفِّفُ: المقلِّلُ حقَّ صاحبِ الحقِّ عما له من الوفاءِ والتمامِ في كيلٍ أو وزنٍ، ومنه قيلَ للقومِ (١) يكونون سواءً في حسبةٍ أو عددٍ: هم سواءٌ كطَفِّ الصاع. يعنى بذلك: كقُرْبِ الممتلئَ منه ناقصٍ عن المِلءِ.
وبنحوِ الذي قلنا في معنى ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيلٍ، عن ضِرارٍ، [عن عبيد المكتب](٢)، عن عبدِ اللَّهِ، قال: قال له رجلٌ: يا أبا عبدِ الرحمن، إن أهل المدينةِ لَيُوفُون الكيلَ. قال: وما يمنعُهُم من أن يُوفُوا الكيلَ وقد قال اللَّهُ: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾. حتى بلَغ:
(١) بعده في م: "الذين". (٢) سقط من النسخ. والمثبت من مصدر التخريج.