وقولُه: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وما لهم بما يقولون مِن تسميتِهم الملائكةَ تسميةَ الأُنثى مِن حقيقةِ علمٍ، ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾. يقولُ: ما يتَّبِعون في ذلك إلا الظَّنَّ. يعني أنهم إنما يقولون ذلك ظنًّا بغيرِ يقينِ (١) علمٍ.
وقولُه: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: فدَعْ مَن أدبَر يا محمدُ عن ذكرِ اللَّهِ، ولم يؤمِنْ به فيوحِّدَه.
وقولُه: ﴿وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾. يقولُ: ولم يَطْلُبْ ما عندَ اللَّهِ في الدارِ الآخرةِ، ولكنه طلَب (٢) الحياةَ الدنيا، والتَمس البقاءَ فيها.
قال أبو جعفرِ ﵀: يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي يقولُه هؤلاء الذين لا يؤمِنون بالآخرةِ في الملائكةِ، من تسميتِهم إيَّاها تسميةَ الأُنثى، ﴿مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾. يقولُ: ليس لهم علمٌ إلا هذا الكفرُ باللَّهِ والشركُ به، على وجْهِ الظَّنِّ بغيرِ يقينِ علمٍ.
وكان ابنُ زيدٍ يقولُ في ذلك ما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا﴾ إلى قوله: ﴿ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ﴾. قال: يقولُ: ليس لهم علمٌ إلا الذي هم فيه مِن الكفرِ [باللَّهِ وبرسولِه](٣)،
(١) ليست في: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "زينة". (٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "برسول الله ﷺ".