يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه: وإن يُرِدْ هؤلاء الأُسارى الذين في أيديكم ﴿خِيَانَتَكَ﴾، أي الغدرَ بك والمكرَ والخداعَ، بإظهارِهم لك بالقولِ خلافَ ما في نفوسِهم، ﴿فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ﴾. يقولُ: فقد خالَفوا أمرَ اللَّهِ من (٢) قبل وقعة بدرٍ، وأمكَن منهم ببدرٍ المؤمنين، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ﴾ بما يقولون بألسنتِهم، ويُضْمِرونه في نفوسِهم، ﴿حَكِيمٌ﴾ في تَدْبيرِهم وتَدْبيرِ أمورِ خلقِه سواهم.
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكر مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ الخراسانيِّ، عن ابن عباسٍ: ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ﴾ يعنى العباسَ وأصحابَه في قولِهم: آمنَّا بما جئتَ به، ونشهدُ أنك رسولُ الله، لنَنصَحنَّ لك على قومِنا. يقولُ: إن كان قولهم خيانةً ﴿فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ﴾.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٣٧ من طريق أبي معاذ به. (٢) في م: "ممن".