يعنى بقولِه جلّ ثناؤُه: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ﴾: فمَن جَادَلَك يا محمدُ في المسيح عيسى ابن مريمَ.
والهاءُ في قولِه: ﴿فِيهِ﴾ عائدةٌ على ذكرِ ﴿عِيسَى﴾، وجائزٌ أن تَكونَ عائدةً على "الحقِّ" الذي قال تعالى ذكرُه: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾.
ويعنى بقولِه: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾: مِن بعدِ ما جاءَك مِن العلمِ الذي قد بيَّنْتَه لك في عيسى أنه عبدُ اللهِ، ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا﴾: هَلُمُّوا، فَلْنَدْعُ ﴿أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ﴾ يقولُ: ثم نَلْتَعِنْ.
يقالُ في الكلامِ: ما له؟ بهَلَه اللهُ! أي: لعَنه اللهُ. وما له؟ عليه بُهلةُ اللهِ! يُرِيدُ اللعنَ. وقال لَبِيدٌ، وذكَر قوما هلَكوا، فقال (١):
* نظَر الدهرُ إليهم فابْتَهَلْ *
يعني: دعا عليهم بالهلاكِ.
﴿فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ منا ومنكم في أنه (٢) عيسى.
كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَمَنْ
(١) شرح ديوان لبيد ص ١٩٧، وعجز البيت: في قروم سادة من قومه. (٢) في م: "آية".