وأما قولُه: ﴿قَالُوا أَقْرَرْنَا﴾. فإنه يعنى به: قال النبيُّون الذين أخَذ اللهُ ميثاقَهم بما ذُكِرَ في هذه الآيةِ: أَقْرَرْنا بما ألزَمْتَنا مِن الإيمانِ برسُلِك الذين تُرسِلُهم مُصدِّقين لما معنا مِن كُتُبِك وبنُصْرَتِهم.
يَعنى بذلك جلّ ثناؤُه: قال اللهُ: فاشْهدوا أيها النَّبيون بما أخذتُ به ميثاقَكم - من الإيمانِ بتصديقِ رُسُلِى التي تأْتِيكم بتصديقِ ما معكم من الكتابِ والِحكمةِ، ونُصْرتِهم - على أنفُسِكم، وعلى أَتباعِكم مِن الأُمَم، إذ أنتم أخذْتم ميثاقَهم على ذلك، وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعليهم بذلك.
كما حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ هاشمٍ، قال: أخبرنا سَيفُ بنُ عمرَ (١)، عن أبي رَوْقٍ، عن أبي أيوبَ، عن عليّ بن أبى طالبٍ في قولِه: ﴿قَالَ فَاشْهَدُوا﴾. يقولُ: فاشْهدوا على أُمَمِكم بذلك، ﴿وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ عليكم وعليهم (٢).
يَعنى بذلك جلَّ ثناؤه: فمن أعرَض عن الإيمانِ برُسُلِي الذين أرسلْتُهم بتصديقِ ما كانَ مع أنبيائى مِن الكُتبِ والِحكمةِ، وعن نُصرتِهم، فأَدْبرَ (٣) ولم يُؤْمِنْ بذلك، ولم يَنْصُرُ، ونكَث عهدَه وميثاقَه، ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾. يعنى: بعْدَ العهدِ و الميثاقِ الذي أخذَه اللهُ عليه (٤)، ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. يعنى بذلك أنّ
(١) في م: "عمرو". (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٤٨ إلى المصنف. (٣) في ص، ت ١: "فأدبروا". (٤) بعده في ص، ت ١: "به".