لها، ولـ "إلى"(١) في كلِّ موضعٍ دخَلت من الكلامِ حُكْمٌ، وغيرُ جائزٍ سَلْبُها معانيَها في أماكِنها.
القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤)﴾.
أجْمع أهلُ التأويلِ جميعًا لا خلافَ بينهم على أن معنى قولِه: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾: إنما نحن ساخرون. فمعنى الكلام إذن: وإذا انصرف المنافقون خالِين إلى مَرَدتِهم من المنافقين والمشركين قالوا: إنا معكم على (٢) ما أنتم عليه، من التكذيبِ بمحمدٍ ﷺ وبما جاء به، ومعاداتِه ومعاداةِ أتباعِه، إنما نحن ساخرون بأصحابِ محمدٍ ﷺ[في قيلِنا](٣) لهم إذا لَقِيناهم: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾.
كما حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا بشرُ (٤) بنُ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحَّاكِ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾: ساخرون بأصحابِ محمدٍ ﷺ(٥).
حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: حدَّثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، عن محمدِ بن أبي محمدٍ مولى زيدِ بنِ ثابتٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ أي: إنما نحن نَسْتهزِئُ بالقومِ ونلعبُ بهم (٦).
حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ العَقَديُّ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيعٍ، عن سعيدٍ،
(١) في ص: "الأولى". (٢) في م: "عن". (٣) في ص: "بقيلنا". (٤) في م: "قيس". (٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٤٨ (١٤٢) من طريق محمد بن العلاء به. وهو تتمة الأثر المتقدم في ص ٣٠٦. (٦) سيرة ابن هشام ١/ ٥٣١. وهو تتمة الأثر المتقدم في ص ٣٠٧.