وذُكِر أن هاتينِ الآيتينِ والتي بعدَهما نزَلت في أقوامٍ من أهلِ مكة كانوا قد أسْلَموا وآمنوا بالله وبرسولِه، وتخلَّفوا عن الهجرة مع رسول الله ﷺ حين هاجر، وعُرِض بعضُهم على الفتنة فافْتَتن، وشهِد معَ المشركين حربَ المسلمين، فأبى الله قبولَ معذرتهم التي اعْتَذروا بها، التي بيَّنها في قوله خبرًا عنهم: ﴿قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ﴾.
ذكرُ الأخبار الواردة بصحةِ ما ذكَرْنا مِن نزولِ الآيةِ في الذين ذكَرْنا أنها نزَلت فيهم
حدَّثنا أبو هشامٍ الرِّفاعيُّ، قال: ثنا ابن فُضَيلٍ، قال: ثنا أَشْعَثُ، عن عكرمةَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾. قال: كان ناسٌ مِن أهل مكة أسْلَموا، فمَن مات منهم بها هلك، قال الله: ﴿فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ﴾. إلى قوله: ﴿عَفُوًّا غَفُورًا﴾. قال ابن عباسٍ: فأنا منهم وأُمِّى منهم. قال عكرمةُ: وكان العباسُ منهم (١).
حدَّثنا أحمدُ بنُ منصورٍ الرَّماديُّ، قال: ثنا أبو أحمد الزُّبَيْريُّ، قال: ثنا محمدُ (٢) بنُ شَريكٍ، عن عَمْرِو بن دينارٍ، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: كان قومٌ مِن أهل مكةَ أسْلَموا، وكانوا يَسْتَخْفُونَ بالإسلام، فأَخْرَجهم المشركون يوم بدر معهم، فأُصيب بعضُهم، فقال المسلمون: كان أصحابُنا هؤلاء مسلمين وأُكرِهوا. فاسْتَغْفَروا لهم، فنزلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ
(١) أخرجه الطبراني في الكبير (١١٧٨) والواحدى في أسباب النزول ص ١٣٢ من طريق سهل بن عثمان عن عبد الرحيم بن سليمان، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عباس. (٢) في الأصل: "أحمد".