أخبَرنا أبو جعفرٍ، عن الربيعِ بن أنسٍ في قولِه: ﴿فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ﴾. قال: بالطاعةِ (١).
وقد بيَّنا معنى ذلك بشواهدِه، واختلافَ أهلِ التأويلِ فيه في سورةِ "البقرةِ" عندَ قولِه: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ [البقرة: ٦٣]. فأغنى ذلك عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).
القولُ في تأويلِ قولِه جلّ وعزّ: ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾.
يقولُ جلَّ ثناؤُه: قلنا لموسى: وأمُرْ قومَك مِن بنى إسرائيلَ ﴿يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾. يقولُ: يعمَلوا بأحسنِ ما يجِدُون فيها.
كما حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾. يقولُ: يعمَلوا (٣) بأحسنِ ما يجدون فيها (٤).
حدَّثني عبدُ الكريمِ، قال: ثنا إبراهيمُ، قال: ثنا سفيانُ، ثنا أبو سعدٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ: ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾. قال: أمَر موسى أن يأخُذَها بأشدَّ مما أمَر به قومَه (٥).
فإن قال قائلٌ: وما معنى قولِه: ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾. أكان [مرخَّصًا لهم في تَرْكِ](٦) بعضِ ما فيها مِن الحُسنِ؟ قيل: لا، ولكن كان فيها أمرٌ ونهىٌ، فأمَرهم اللَّهُ أن يعملوا بما أمرَهم بعملِه، ويترُكوا ما نهاهم عنه، فالعملُ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٦٥ (٨٩٧١) من طريق أبى جعفر به. وتقدم في ٢/ ٥٢. (٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٥٢، ٥٣. (٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، س. (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٦٦ (٨٩٧٤) من طريق عمرو بن حماد به. (٥) ذكره ابن كثير في تفسير ٣/ ٤٧١ عن ابن عيينة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٢٦ إلى المصنف. (٦) في ت ١، ت ٣، س، ف: "من خصالهم ترك"، وفى ت ١: "من خصالهم قول".