حدَّثنا ابن حُمَيْدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، قال:[ثنا ابنُ إسحاقَ، قال](١): حدَّثنى محمدُ بن أبى محمدٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيرٍ، أو عكْرمةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾: أى: ترَكْتُم ذلك كلَّه (٢).
وقال بعضُهم: عنَى اللهُ جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ اليهودَ الذين كانوا على عهدِ رسولِ اللهِ ﷺ، وعنَى بسائرِ الآيةِ أسْلافَهم. كأنه ذهَب إلى أن معنى الكلامِ: ثم تولَّيتم إلا قليلًا، منكم، ثم توَلَّى سَلَفكم إلا قليلًا منهم. ولكنه جُعِل خطابًا لبَقايا نَسلِهم -على ما قد ذكَرْناه فيما مضَى قبلُ (٣) - ثم قال: وأنتم معشرَ بَقاياهم مُعْرِضون أيضًا عن الميثاقِ الذى أخَذْته عليكم بذلك، وتارِكوه تَركَ أَوائلِكم.
وقال آخَرون: بل قولُه: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ خطابٌ لمَن كان بين ظَهْرانَىْ مُهاجَرِ رسولِ اللهِ ﷺ من يهودِ بنى إسرائيلَ، وذَمٌّ لهم بنقضِهم الميثاقَ الذى أُخِذ عليهم في التوراةِ وتبديلِهم أمرَ اللهِ وركوبِهم معاصيَه.