وقال آخرون: بل عنى بذلك اليهودَ الذين بخِلوا أن يُبيِّنوا للناسِ ما أَنْزَل اللَّهُ إليهم في التوراةِ من أمرِ محمدٍ ﷺ ونعتِه.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه:(ولَا تَحْسَبنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)، إلى: ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾. [يعنى بذلك](١) أهلَ الكتابِ أنهم بخِلوا بالكتابِ أن يُبيِّنوه (٢) للناسِ (٣).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجَّاجٌ، عن ابن جُريجٍ، عن مجاهدٍ قولَه:(ولا تَحْسَبنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ). قال: هم يهودُ، إلى قولِه: ﴿وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (٤)﴾.
وأولى التأويلين بتأويلِ هذه الآية التأويلُ الأولُ، وهو أنه مَعنيٌّ بالبخل في هذا الموضعِ منعُ (٥) الزكاةِ؛ لتظاهرِ الأخبارِ عن رسولِ اللَّهِ أنه تأوَّل قولَه: ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾. قال: البخيلُ الذي منَع حقَّ اللَّهِ منه، أنه يصيرُ ثعبانًا في عنقِه. ولقولِ (٦) اللَّهِ ﷿ عَقِيبَ هذه الآيةِ: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾، فوصَف جلَّ ثناؤُه قولَ المشركين
(١) في ص، ت ١، ت ٢، س: "بمعنى وذلك". (٢) في ص، ت ١، ت ٢، س: "يعينوه". (٣) أخرجه ابن أبي حاتم ٣/ ٨٢٦ (٤٥٧٥) بهذا الإسناد. (٤) في ص، ت ١، ت ٢، س: "المبين". وهى بعضُ الآية ١٨٤. والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٠٥ إلى المصنف. (٥) في ت ١: "معنى". (٦) في ت ٢: "كقول"، وفى س: "بقول".