لـ "الرجالِ" وفِعلًا لهم. وإنما كان الاختيارُ رفعَ "الرجالِ" بمُضْمَرٍ مِن الفعلِ لو كان الخبرُ عن "البيوتِ" لا يَتِمُّ إلا بقولِه: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا﴾. فأمَّا والخبرُ عنها دونَ ذلك تامٌّ، فلا وجهَ لتوجيهِ قولِه: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ﴾ إلى غيره؛ إلى غيرِ الخبرِ عن الرجالِ.
وعَنَى بقولِه: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾: يُصَلَّى له في هذه البيوتِ بالغَدَوَاتِ والعَشِيَّاتِ رجالٌ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني عليُّ بنُ الحسنِ الأَزْدَيُّ، قال: ثنا المُعافَى بنُ عِمرانَ، عن سفيانَ، عن عمَّارٍ الدُّهْنيِّ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: كلُّ تسبيحٍ في القرآنِ فهو صلاةٌ (١).
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ، قال: ثم قال: ﴿يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾. يقولُ: يُصَلِّي له فيها بالغَداةِ والعَشِيِّ، يعنى بالغُدُوِّ صلاةَ الغَداةِ، ويعنى بالآصالِ صلاةَ العصرِ، وهما أَوَّلُ ما افْتَرَض اللهُ مِن الصلاةِ، فأَحَبَّ أن يَذْكُرَهما، ويُذَكِّرَ [بهما عبادَه](٢).
حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبَرنا عبد الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن الحسنِ:
(١) أخرجه ابن مردويه - كما في تخريج الكشاف ٣/ ١٨٠ - والضياء في المختارة (٣٣٥) من طريق المعافى به، وأخرجه الفريابي - كما في التغليق ٤/ ٢٣٩ - من طريق عمار به. (٢) في ص، ت ٢، ف: "بها عبادته"، وفى م: "بهما عبادته". والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٠٦ من طريق عبد الله بن صالح به.