جُريجٍ: صلّى رسولُ اللهِ ﷺ أوَّلَ ما صلَّى إلى الكعبةِ، ثم صُرِف إلى بيتِ المقدسِ، فصلَّت الأنصارُ نحوَ بيتِ المقدسِ قبلَ قدومِه ﵇ ثلاثَ حِجَجٍ، وصلَّى بعدَ قدومِه ستةَ عشرَ شهرًا، ثم ولاه اللهُ إلى الكعبةِ.
ذكرُ السببِ الذى من أجلِه قال [من قال](١) ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾
اختلَف أهلُ التأويلِ في ذلك؛ فرُوى عن ابنِ عباسٍ فيه قولان؛ أحدُهما، ما حَدَّثَنَا به ابنُ حُميدٍ، قال: حَدَّثَنَا سلمةُ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ إسحاقَ، قال: حَدَّثَنِي محمدُ بنُ أبى محمدٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: قال ذلك قومٌ من اليهودِ للنبيِّ ﷺ، فقالوا له: ارجِعْ إلى قبلتِك التى كنتَ عليها نَتَّبِعْك ونصدِّقك. يُريدون فتنتَه عن دينِه (٢).
والقولُ الآخرُ: ما ذكَرتُ من حديثِ علىِّ بنِ أبى طلحةَ عنه الذى مضَى قبلُ (٣).
حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ قولَه: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾ قال: صلَّت الأنصارُ نحوَ بيتِ المقدسِ حولَين قبلَ قدومِ نبيِّ اللهِ ﷺ المدينةَ، وصلَّى نبيُّ اللهِ ﷺ بعدَ قدومِه المدينةَ مهاجرًا نحوَ بيتِ المقدسِ ستةَ عشرَ شهرًا، ثم وجَّهه اللهُ بعد ذلك إلى الكعبةِ البيتِ الحرامِ، فقال في ذلك قائلُون من الناسِ: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾؟ لقد اشتاق الرَّجلُ إلى مولدِه. فقال اللهُ ﷿: ﴿قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ
(١) سقط من: الأصل. (٢) تقدم مطولًا في ص ٦١٨، ٦١٩. (٣) تقدم في ص ٦٢٣.