وقولُه: ﴿وَيَصْلَى سَعِيرًا﴾. اختلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ مكةَ والمدينةِ والشامِ:(ويُصَلَّى) بضمِّ الياءِ وتشديدِ اللامِ (١)، بمعنى أن الله يُصَلِّيهم تصليةً بعد تصليةٍ، وإنضاجةً بعد إنضاجةٍ، كما قال: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [النساء: ٥٦]. واستشهَدوا لتصحيحِ قراءتِهم ذلك كذلك بقولِه: ﴿ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ﴾ [الحاقة: ٣١]. وقرَأ ذلك بعضُ المدنيِّين وعامةُ قرأةِ الكوفةِ والبصرةِ: ﴿وَيَصْلَى﴾ بفتحِ الياءِ وتخفيفِ اللامِ (٢)، بمعنى أنهم يَصْلَونها ويَرِدونها فيحترِقون فيها. واستشهَدوا لتصحيحِ قراءتِهم ذلك كذلك بقولِ اللهِ: ﴿يَصْلَوْنَهَا﴾ [إبراهيم: ٢٩، ص: ٥٦، المجادلة: ٨، الانفطار: ١٥]. و: ﴿إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣].
والصوابُ من القول في ذلك عندى أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.
وقولُه: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾. يقول تعالى ذكرُه: إنه كان في أهلِه في الدنيا مسرورًا؛ لما فيه من خلافِه أمرَ اللهِ وركوبِه معاصيَه.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا﴾. أي: في الدنيا (٣).
(١) قرأ بها نافع وابن كثير وابن عامر والكسائي. النشر ٢/ ٢٩٨. (٢) قرأ بها أبو عمرو وعاصم وحمزة وأبو جعفر ويعقوب وخلف. المصدر السابق. (٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٧٩.