يقولُ تعالى ذكرُه: ولقد آتَينا موسى التوراةَ مِن بعد ما أهَلَكْنا الأممَ التي كانت قبلَه؛ كقومِ نوحٍ، وعادٍ، وثمودَ، وقومِ لوطٍ، وأصحابِ مَدينَ ﴿بَصَائِرَ لِلنَّاسِ﴾. يقولُ: ضياءً لبنى إسرائيلَ فيما بهم إليه الحاجةُ مِن أمرِ دينِهم، ﴿وَهُدًى﴾. يقولُ: وبيانًا لهم ورحمةً لمن عَمِل به منهم؛ ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾. يقولُ: لِيَتَذَكَّرُوا نِعَمَ اللهِ بذلك عليهم، فيَشْكُروه عليها ولا يَكْفُرُوا.
وبنحوِ الذي قلْنا في معنى قولِه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى﴾ قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا محمدٌ وعبدُ الوهابِ، قالا: ثنا عوفٍ، عن أبي نَضْرَةَ، عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ، قال: ما أَهْلَك اللهُ قومًا بعذابٍ مِن السماءِ ولا مِن الأرضِ بعدَ ما أُنزِلت التوراةُ على وجهِ الأرضِ غير القريةِ التي مُسِخوا قردةً، ألم تَرَ أن الله يقولُ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (١).
يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: وما كنتَ يا محمدُ بجانبِ غربيِّ الجبلِ ﴿إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ﴾. يقولُ: إذ فرَغنا (٢) إلى موسى الأمرَ فيما ألزمناه وقومَه، وعهِدنا إليه مِن عهدٍ، ﴿وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾. يقولُ: وما كنتَ
(١) أخرجه البزار (٢٢٤٧) - كشف)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٨١ من طريق عوف به. (٢) في م: "فرضنا".