واخْتَلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ رفعِ ﴿وَتُزَكِّيهِمْ﴾؛ فقال بعضُ نحويى البصرةِ: رفعُ ﴿وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ في الابتداءِ، وإن شئتَ جعلتَه من صفةِ الصدقةِ، ثم جئتَ بها توكيدًا، وكذلك ﴿تُطَهِّرُهُمْ﴾.
وقال بعضُ نحويى الكوفةِ: إن كان قولُه: ﴿تُطَهِّرُهُمْ﴾ للنبيِّ، ﵊، فالاختيارُ أن تجزمَ؛ لأنه (٢) لم يَعُدْ على الصدقةِ عائدٌ، ﴿تُزَكِّيهِمْ﴾ مُستأنَفٌ. وإن كانت الصدقةُ تُطَهِّرُهم، وأنت تُزَكِّيهم بها، جازَ أن تجزمَ الفعلَين وترفعَهما (٣).
قال أبو جعفرٍ: والصوابُ في ذلك مِن القولُ أن قولَه: ﴿تُطَهِّرُهُمْ﴾ مِن صلةِ الصدقةِ؛ لأن القرأةَ مُجْمِعَةٌ على رفِعها، وذلك دليل على أنه مِن صلةِ الصدقةِ. وأما قوله: ﴿تُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ فخبرٌ مُسْتأنَفٌ، بمعنى: وأنت تُزَكِّيهم بها، فلذلك رُفِعَ.
واخْتلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾.
فقال بعضُهم: رحمةٌ لهم.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المُثَنى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٧٥ من طريق أصبغ عن ابن زيد به. (٢) في م، ت ١: "بأنه". (٣) ينظر البحر المحيط ٥/ ٩٥.