انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ حتى ختَم آخِرَ الآيةِ. وكان قتادةُ يقولُ: خَلُّوا سبيلَ من أمَركم اللهُ أن تُخَلُّوا سبيلَهَ، فإنما الناسُ ثلاثةُ رَهْطٍ: مسلمٌ عليه الزكاةُ، ومُشْرِكٌ عليه الجِزْيةُ، وصاحبُ حربٍ يأْمَنُ بتِجارتِه في المسلمين إذا أعطَى عُشُورَ مالِه (١).
حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾، وهى الأربعةُ التي عَدَدتُ لك. يعنى: عشرين من ذى الحِجَّةِ، والمُحرَّمَ، وصفرَ، وربيعًا الأَوَّلَ، وعشرًا مِن شهرِ ربيعٍ الآخِرِ (٢).
وقال قائلو هذه المقالةِ: قيل لهذه الأشهرِ الحرمُ؛ لأن الله، ﷿، حَرَّم على المؤمنين فيها دماءَ المُشْرِكين والعَرْضَ لهم إلا بسبيلِ خيرٍ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن إبراهيمَ بن أبى بكرٍ، أنه أخبرَه، عن مجاهدٍ وعمرِو بن شعَيبٍ في قولِه: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ﴾ أنها الأربعةُ التي قال اللهُ: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ﴾. قال: هي الحُرُمُ؛ مِن أجْلِ أنهم أُومِنوا فيها حتى يَسِيحوها (٣).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وَهْبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٥٥ (١٠٠٨٣) من طريق يزيد به. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٥٢ (٩٢٥١) من طريق أحمد بن مفضل به. (٣) تفسير مجاهد ص ٣٦٣، ٣٦٤ بمعناه ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٤٦ (٩٢٢٠)، وذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٥٣ عن مجاهد وعمرو بن شعيب.