يخذُله الله عن دينِه واتِّباع ما أمَرَ به؛ من الإقرار به وبنبيِّه محمد ﷺ وما جاء به من عندِه، فأضَلَّه عنه ﴿فَلَنْ تَجِدَ لَهُ﴾ يا محمدُ، ﴿سَبِيلًا﴾ يقولُ: فلن تَجِدَ له طريقًا تَهْدِيه فيه إلى إدراك ما خذَله الله [فأضله عنه](١)، ولا منهجًا يَصِلُ به (٢) منه إلى الأمرِ الذي قد حرمه الوصول إليه.
قال أبو جعفر ﵀: يعنى بقوله جلَّ ثناؤه: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا﴾: تمَنَّى أيُّها المؤمنون، هؤلاء المنافقون الذين أنتم فيهم فئتان، أن تَكْفُرُوا فتَجْحَدُوا وَحْدانية ربِّكم، وتصديق نبيِّكم محمدٍ ﷺ، ﴿كَمَا كَفَرُوا﴾. يقولُ: كما جحَدوا هم ذلك، ﴿فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾. يقول: فتكونون كفَّارًا مثلَهم، وتَسْتَوُون أنتم وهم في الشرك بالله، ﴿فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾. [يقول جل ثناؤه: فاستغشُّوهم، ولا تنصحُوهم، ولا تستنصروهم، ولا تتَّخِذُوا منهم وليًّا ولا نصيرًا ولا خليلًا مُصَافِيًا، ﴿حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾](١) يقولُ: حتى يَخْرُجوا من دار الشرك، ويُفارقوا أهلها الذين هم بالله مُشْرِكون، إلى دار الإسلام وأهلها، ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾. يعنى: في ابتغاء دينِ اللهِ، وهو سبيلُه، فيَصيروا عند ذلك مثلكم، ويَكونَ لهم حينئذٍ حُكْمُكم.
كما حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبى، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبى، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾: حتى يَصْنَعوا كما صنَعْتُم - يعنى الهجرة -