بَعْدَ ظُلْمِهِ﴾. الآيةَ، قال: هذا في الخَمْشِ (١) يكونُ بينَ الناسِ (٢).
حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾. قال: هذا فيما يكونُ بينَ الناسِ مِن القِصاصِ، فأما لو ظلَمَك رجلٌ لم يَحِلُّ لك أن تَظْلِمه (٢).
وقال آخرون (*): بل عُنِى به الانتصارُ مِن أهلِ الشركِ، وقال: هو منسوخٌ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يونُسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾. قال: لَمَنِ انْتَصَر بعد ظلمِه؛ من المؤمنين انتَصَر مِن المشركين. قال: وهذا قد نُسِخ، وليس هذا في أهلِ الإسلامِ، ولكن في أهل الإسلامِ الذي قال اللهُ: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: ٣٤].
والصوابُ مِن القولِ في ذلك أن يقالَ: إنه معنيٌّ به كلُّ منتِصرٍ مِن ظالمِه.
وإن الآيةَ مُحْكَمةٌ غيرُ مَنْسوخةٍ؛ للعلةِ التي بيَّنْتُ في الآيةِ قبلَها.
وقوله: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إنما الطريقُ لكم أيُّها الناسُ على الذين يَتَعَدَّون على الناسِ ظلمًا وعُدْوانًا، بأن
(١) الخمش: الجراحات والجنايات. ينظر النهاية ٢/ ٨٠. (٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٩٣ عن معمر به، والبيهقى في الشعب (٨٠٩٨) من طريق آخر عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١١ إلى عبد بن حميد. (*) إلى هنا ينتهى السقط من مخطوطة الأصل والمشار إليه في ص ٥٢٣.