مُشْرِكِينَ﴾ فوُضِعَت الفتنةُ موضعَ القولُ؛ لمعرفةِ السامعينِ معنى الكلامِ.
وإنما الفتنةُ الاختبارُ والابتلاءُ، ولكن لما كان الجوابُ مِن القومِ غيرَ واقعٍ هنالك إلا عندَ الاختبارِ، وُضِعَت الفتنةُ التي هي الاختبارُ موضعَ الخبرِ عن جوابِهم ومعذرتِهم.
واختَلَفَت القرأةُ أيضًا في قراءةِ قولِه: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ وبعضُ الكوفيين والبصريين: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا﴾. خفضًا، على أن الربَّ نعتٌ للهِ.
وقرأ ذلك جماعةٌ من التابعين:(واللهِ ربَّنا). بالنصب، بمعنى: واللهِ يا ربَّنا. وهي قراءةُ عامةِ قَرَأةِ أهلِ الكُوفةِ (١).
وأولى القراءتين عندى بالصوابِ (٢) في ذلك قراءةُ من قرأ: (واللهِ ربَّنَا). بنصبِ الرَّب، بمعنى: يا ربَّنا. وذلك أن هذا جوابٌ من المسئولين المَقُولِ لهم: ﴿أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾؟ وكان من جوابِ القومِ لربِّهم: واللهِ يا ربَّنا ما كنا مشركين. فنَفَوْا أن يَكُونوا قالوا ذلك في الدنيا.