وقال آخرون: بل معنى ذلك الخبرُ عن المشركين أنهم هجَروا القرآنَ، وأعرَضوا عنه، ولم يَسْمَعُوا له.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِ اللهِ: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾: [قال: ﴿مَهْجُورًا﴾](١) لا يريدون أن يَسْمَعوه، وإن دُعُوا إلى الله قالوا: لا. وقرَأ ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾] الأنعام: ٢٦]. قال: يَنْهَون عنه، ويَبْعُدون عنه (٢).
قال أبو جعفرٍ: وهذا القولُ أولى بتأويل ذلك، وذلك أن الله أخبرَ عنهم أنهم قالوا: ﴿لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ﴾ [فصلت: ٢٦]. وذلك هجرُهم إياه.
وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: وكما جعلَنا لك يا محمدُ أعداءً من مشركي قومِك، كذلك جعلِنا لكلِّ من نبأناه من قبلِك عدوًّا من مشركي قومِه، فلم تُخصصْ بذلك مِن بينِهم. يقولُ: فاصبِرْ لما نالَك منهم، كما صبَر مِن قبلِك أولو العزمِ مِن رسلِنا.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، [عن ابن جريجٍ](٣)، قال:
(١) سقط من: م. (٢) أخرج شطره الأول ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٨٨ من طريق أصبغ بن الفرج، عن ابن زيد. وتقدم شطره الثاني في ٩/ ٢٠٣. (٣) سقط من: النسخ، وهو إسناد دائر.