جميعَهم، ما يكرَهُه، والذي بعدَه وعيدٌ للمُنصرفِين [عنه بغيرِ إذْنِه](١)، فالذي بينَهما بأن يكونَ تحذيرًا لهم سُخْطَه، أن يَضْطرَّه إلى الدعاءِ عليهم، أشبهُ مِن أن يكونَ أمرًا لهم بما لم يَجْرِ له ذكرٌ؛ من تَعْظيمِه وتوقيرِه بالقولِ والدعاءِ.
وقولُه: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إنكم أيُّها المُنصرِفون عن نبيِّكم بغيرِ إِذْنِهِ، تَسَتُّرًا (٢) وخُفْيَةً منه، وإن خَفِي أمرُ مَن يفعلُ ذلك منكم على رسولِ اللهِ ﷺ، فإن الله يعلمُ ذلك ولا يخفَى عليه، فليَتَّقِ (٣) مَن يفعلُ ذلك منكم، الذين يُخالفِون أمرَ اللهِ في الانْصرافِ عن رسولِ اللهِ ﷺ إلا بإذْنِه - أن تُصِيبَهم فتنةٌ مِن اللهِ، أو يُصِيبَهم عذابٌ أَلِيمٌ، فيُطْبَعَ على قلوبِهم، فيكفَّروا باللهِ.
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا الحكمُ بنُ بشيرٍ، قال: ثنا عمرُو بنُ قيسٍ، عن (٤) جُوَيبرٍ، عن الضحاكِ في قولِ اللَّهِ: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا﴾. قال:[كانوا يَستتِرُ](٥) بعضُهم ببعضٍ، فيقومون، فقال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾. قال: يُطبَعُ على قلبِه، فلا يُؤْمَنُ (٦) أن يُظهِرَ
(١) في م: "بغير إذنه عنه". (٢) في ص، ت ٢: "يسيرا"، وفي ت ١: "سرا". (٣) بعده في ت ١: "الله". (٤) سقط من: ت ٢. (٥) في ت ٢: "كان يسر". (٦) في م، ت ١: "يأمن".