القول في تأويل قوله جلَّ ثناؤه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾.
يقول تعالى ذكره: إن الذين كذَّبوا بحججنا وأدلتنا فلم يُصَدِّقوا بها، ولم يَتَّبعوا رسلَنا ﴿وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا﴾. يقولُ: وتكَبَّروا عن التصديق بها، وأَنفوا من اتباعها والانقياد لها تكبُّرًا، لا تُفَتَّحُ لأرواحهم إذا خرجت من أجسادهم أبوابُ السماءِ، ولا يَصْعَدُ لهم في حياتِهم إلى الله ﷿ قولٌ ولا عملٌ؛ لأن أعمالهم خَبيثَةٌ، وإنما يَرْفَعُ الكَلِمَ الطيب (١) العملُ الصالحُ، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠].
ثم اخْتَلَف أهلُ التأويل في تأويل قوله: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: لا تُفَتَّحُ لأرواح هؤلاء الكفار أبوابُ السماء.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا يَعْلَى (٢)، عن أبي سنانٍ، عن الضحاك، عن ابن عباسٍ: ﴿لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ﴾. قال: عنَى بها الكفار؛ أن السماء لا تُفَتَّحُ لأرواحهم، وتُفَتَّحُ لأرواح المؤمنين (٣).
حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبو معاوية، عن أبي سنانٍ، عن الضحاك، قال: قال ابن عباسٍ: تُفَتَّحُ السماءُ لرُوحِ المؤمنِ، ولا تُفَتَّحُ لروحِ الكافر.
حدَّثنا محمدُ بن الحسين، قال: ثنا أحمدُ بن المفضل، قال: ثنا أسباطُ، عن
(١) بعده في م، ت ٢، ت ٣، س: "و". (٢) في الأصل: "تعلى". وينظر تهذيب الكمال ١٠/ ٤٩٢، ٤٩٣. (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٧٦ (٨٤٥٩) من طريق يعلى به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٨٣ إلى عبد بن حميد وأبى الشيخ.