حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا حَفْصُ بْنُ عمرَ، عن الحكَمِ بن أَبَانٍ، عن عِكْرمةَ في قولِه: ﴿وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ﴾ قال: الأعمشُ (١).
والمعروفُ عندَ العربِ مِن معنَى الكَمَه العمَى، يُقالُ منه: كَمِهَت عينُه، فهى تَكمَهُ كمَهًا، وكمَّهْتُها (٢)، أنا، إذا أعميتَها، كما قال سويدُ بنُ أبى كاهلٍ (٣):
[كمَّهَتْ عَيْنَيه](٤) حتى ابْيضَّتا … فهْو يَلْحَى نَفْسَهُ لمَّا نَزَعْ
ومنه قول رؤبة (٥):
هَرَّجْتُ (٦) فَارْتَدَّ ارتِدادَ الأكمَهِ
في غائلاتِ (٧) الحائِرِ (٨) المُتَهْتِهِ (٩)
وإنما أخبَر اللهُ ﷿ عن عيسى صلواتُ اللهِ عليه أنه يَقُولُ ذلك لبنى إسرائيلَ؛ احتجاجًا منه بهذه العِبَرِ والآياتِ عليهم في نبوَّتِه، وذلك أن الكَمَةَ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٥٥ (٣٥٤٥)، وابن الأنبارى في الأضداد ص ٣٧٨ من طريق حفص بن عمر به. (٢) في م: "أكميتها". (٣) الأضداد لابن الأنبارى ص ٣٧٨، والمفضليات ص ٢٠٠، وشرح اختيار المفضل ٢/ ٩١٠، واللسان (ك م هـ). (٤) في م، ت ١، ت: "كمِهتْ عيناه". (٥) ديوانه ص ١٦٦. (٦) هرجت: صِحْت به. (٧) في س، ت ١، ت ٣: "عاملات". والغائلات: المهلكات الدواهي. (٨) في الديوان: "الخائب". (٩) المتهته: المتردد في الباطل.