فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾: ما أسرعَ كفرَ ابن آدمَ.
حدَثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه ﷿: ﴿فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾. قال: ضَيَّقه (١).
واختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾؛ فقرأت عامةُ قرأةِ الأمصارِ ذلك بالتخفيفِ: ﴿فَقَدَرَ﴾ بمعنى: فَقَتَر (٢)، خلا أبي جعفرٍ القارئِ؛ فإنه قرَأ ذلك بالتشديدِ:(فَقَدَّرَ)(٣). وذُكِر عن أبي عمرِو بن العلاءِ أنه كان يقولُ: قدَّر، بمعنى: يُعْطِيه ما يَكْفِيه. ويقولُ: لو فعَل ذلك به ما قال: ربِّي أهاننى.
والصوابُ من قراءةِ ذلك عندَنا بالتخفيفِ (٤)؛ لإجماعِ الحجَّةِ مِن القرأةِ عليه.
وقولُه: ﴿كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في المعنيِّ بقولِه: ﴿كَلَّا﴾. في هذا الموضعِ، وما الذي أنكَر بذلك؛ فقال بعضُهم: أنكَر جلَّ ثناؤُه أن يكونَ سببُ كرامتِه من أكرم كثرةَ مالِه، وسببُ إهانتِه مَن أهان قلةَ مالِه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾: ما أسرعَ ما كفَرَ ابنُ آدمَ! يقولُ اللهُ جَلَّ ثناؤُه: كلا، إني لا أُكْرِمُ مَن أكرمتُ بكثرةِ الدنيا، ولا أُهينُ مَن أهنْتُ بقلتِها، ولكن إنما أُكْرِمُ مَن أكرمْتُ بطاعتِى، وأُهينُ مَن أهنْتُ بمعصيتِى.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٤٩ إلى ابن أبي حاتم. (٢) هي قراءة ابن كثير وعاصم وأبي عمرو وحمزة ونافع والكسائى ويعقوب وخلف. النشر ٢/ ٢٩٩. (٣) وقرأ بها أيضًا ابن عامر. المصدر السابق. (٤) القراءتان كلتاهما صواب.