والقولُ في ذلك عندى أنهما قراءتان مُتقارِبتا المعنَى، مستفيضةٌ القراءةُ بهما في الأمصارِ، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ، غيرَ أنَّ الخفضَ في ﴿غَيْر﴾ أَقوَى في العربيةِ، فالقراءةُ به أعجبُ إليَّ
و "الإرْبَةُ" الفِعْلَةُ مِن الأَرَبِ؛ مثلُ الجلِسةِ مِن الجُلُوسِ، والمِشيةُ مِن المَشْي، وهى الحاجةُ، يقال: لا أَرَب لى فيك: لا حاجةَ لى فيك. وكذا: أَرِبْتُ لكذا وكذا. إذا احتَجتَ إليه، فأنا آرَبُ له أَرَبًا.
فأما "الأُرْبَةُ" بضمِّ الألفِ، فالعُقْدةُ.
وقولُه: ﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أو الطفلِ الذين لم يَكْشِفوا عن عَوْراتِ النساءِ بجِماعِهن، فيَظْهَروا عليها (١)؛ لصِغَرِهنَّ (٢).
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا وَرْقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾. قال: لم يَدْرُوا ما ثَمَّ؛ من الصِّغَرِ قبلَ الحُلُمِ (٣).
(١) في م: "عليهن". (٢) كذا في النسخ. والسياق يقتضى: "لصغرهم". ينظر تفسير ابن كثير ٦/ ٥٢. (٣) تفسير مجاهد ص ٤٩٢ ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٥٧٩، والبيهقى ٧/ ٩٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٤٤ إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.