وتأويلُ قوله: ﴿وَهُوَ قَائِمٌ﴾: فنادَته الملائكةُ في حالِ قِيامِهِ مُصَلِّيًّا. فقوله: ﴿وَهُوَ قَائِمٌ﴾ خبرٌ عن وقتِ نداء الملائكةِ زكريا.
وقوله: ﴿يُصَلِّي﴾. في موضعِ نصبٍ على الحالِ من "القيام"، وهو رَفْعٌ بالياء.
وأما المِحْرابُ، فقد بَيَّنا معناه وأنه مُقَدَّمُ المسجدِ (١).
واختلَفت القَرَأَةُ في قراءة قوله: ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ﴾؛ فقرأته عامةُ القَرَأَةِ: ﴿أَنَّ اللَّهَ﴾ بفتحِ الألفِ من ﴿أَنَّ﴾ (٢)، بوقوعِ النداءِ عليها، بمعنى: فنادَته الملائكةُ بذلك.
وقرَأه بعضُ قَرَأَةِ أهلِ الكوفةِ:(إن الله يَبْتُركَ) بكَسْرِ الألف (٣)، بمعنى: قالت الملائكةُ: إن الله يُبَشِّرُكَ. لأن النداء قولٌ، وذكروا أنها في قراءة عبدِ اللهِ:(فنادته الملائكةُ وهو قائمٌ يُصَلِّي في المِحْرابِ: يا زكريا إن الله يُبَشِّرُك)(٤). قالوا: وإذا بَطَل النداءُ أن يكون عاملًا في قوله: (يا زكريا). فباطلٌ أيضًا أن يكون عاملًا في "إنَّ".
والصوابُ من القراءة في ذلك عندنا (٥): ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ﴾ بفتح ﴿أَنَّ﴾، بوقوعِ النداء عليه، بمعنى: فَنَادَته الملائكة بذلك.
(١) ينظر ما تقدم في ص ٣٥٨. (٢) قرأ بها عاصم والكسائي وأبو عمرو ونافع وابن كثير. السبعة لابن مجاهد ص ٢٠٥. (٣) قرأ بها حمزة وابن عامر. المصدر السابق. (٤) ينظر المصاحف لابن أبي داود ص ٥٩. (٥) كلتا القراءتين صواب متواتر.