يقولُ تعالى ذِكرُه: فأولئك يَدْخُلون الجنةَ (١) ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾.
وقولُه: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ نُصِبَ ترجمةً عن الجنةِ. ويعنى بقولِه:
﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾. بساتينَ إقامَةٍ. وقد بيَّنتُ ذلك فيما مضَى قبلُ بشواهدِه المُغْنيةِ عن إعادتِه (٢).
وقولُه: ﴿الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ﴾. يقولُ: هذه الجناتُ هي الجناتُ التي وعَد الرحمنُ عبادَه المؤمنين أن يدخُلُوها بالغَيْبِ؛ لأَنَّهم لم يَرَوْها ولم يُعاينوها، فهى غيبٌ لهم.
وقولُه: ﴿إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا﴾. يقولُ تعالى ذِكْرُه: إن الله كان وَعَدَه، ووَعْدُه في هذا الموضِعِ مَوْعودُه، وهو الجنةُ، ﴿مَأْتِيًّا﴾ يَأْتِيهِ أولياؤُه وأهلُ طاعتِه الذين يُدْخِلُهمُوها اللهُ.
وقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ (٣): خرَج الخبرُ على أن الوعدَ هو المأتيُّ، ومعناه: أنه هو الذي يأتى، ولم يَقُلْ: وكان وَعْدُه آتِيًا. لأنَّ كلَّ ما أتاك فأنتَ تأتيه، وقال: ألا تَرَى أنَّك تقولُ: أتَيْتُ على خمسين سنةً، وأتَتْ عليَّ خمسون سنةً. وكلُّ ذلك صوابٌ. وقد بيَّنتُ القولَ فيه.
(١) بعده في الأصل: "ولا يظلمون". (٢) تقدم في ١١/ ٥٥٩ وما بعدها. (٣) الفراء في معاني القرآن ٢/ ١٧٠.