سَمِعتُه بأُذُنِي، ورأيتُه بعينِي. وكما قال: ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: ٢٦]. ولا يكونُ الخَرُّ إلَّا من فوقٍ، فأمّا مِن موضعٍ آخرَ، فإنما يجوزُ على سَعَةِ الكلامِ.
وقال آخرون: إنما قال: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾. وقد ذكَرَ سبعةً وثلاثةً؛ لأنه إنما أخبَر أنها مُجزِئةٌ وليس يُخبرُ عن عدَّتِها. وقالوا: ألا ترَى أن قولَه: ﴿كَامِلَةٌ﴾ إنما هو: وافيةٌ.
وأوْلى هذه الأقوالِ عندي بالصوابِ (١) قولُ من قال: معنَى ذلك: تِلكَ عشَرةٌ كاملةٌ عليكم فَرْضُ (٢) إكمالِها. وذلك أنه جلّ ثناؤُه قال: فمن لم يجِدِ الهدْيَ فعليه صيامُ ثلاثةِ أيامٍ في الحجِّ، وسبعةٍ إذا رجَعْتُم (٣). ثم قال: تلك عَشَرةُ أيامٍ عليكم إكمالُ صومِها لتَمتُّعِكم بالعمرةِ إلى الحجِّ. فأخرَجَ ذلك مُخرَجَ الخبرِ، ومعناه الأمرُ بها.
يعني جلّ ثناؤُه بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾ (٤): التمتُّعُ بالعمرةِ إلى الحجِّ لمن لم يكنْ أهلُه حاضرِي المسجدِ الحرامِ.
كما حُدِّثتُ عن عمارِ بنِ الحسنِ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾. يعني: المتعةَ أنها لأهلِ
(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) في م، ت ١: "فرضنا"، وفي ت ٢، ت ٣: "فرضا". (٣) في م: "رجع". (٤) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أي".