حدَّثني يونسُ، قال: أخبرَنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني أبو هانيء الخَوْلانيُّ، عن عمرِو بن حُريثٍ، قال: إن الرجلَ يَغْزُو، لا (١) يَسْرِقُ ولا يَزْنِى ولا يَغُلُّ، [ولا](٢) يَرْجِعُ بالكَفافِ. فقيل له: لماذا (٣)؟ قال: إن الرجلَ لَيَخْرُجُ، فإذا أصابه مِن بلاءِ اللَّهِ الذي قد حكَم عليه، سبَّ ولعَن إمامَه، ولعَن ساعةً غَزَا، وقال: لا أعودُ لغَزْوةٍ معه أبدًا، فهذا عليه، وليس له، مِثْلَ النفقةِ في سبيلِ اللَّهِ يُتبعُها مَنًّا (٤) وأَذًى، فقد ضرَب اللَّهُ مَثَلَها في القرآنِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾. حتى ختَم الآيةَ (٥).
يعنى بذلك جلّ ثناؤه: فمَثَلُ هذا الذي يُنْفِقُ مالَه رِئاءَ الناسِ، ولا يُؤْمِنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ - والهاءُ في قولِه: ﴿فَمَثَلُهُ﴾ عائدةٌ على ﴿الَّذِي﴾ - ﴿كَمَثَلِ صَفْوَانٍ﴾. والصَّفْوانُ واحدٌ وجميعٌ (٦)، فمن جعَله جميعًا (٧) فالواحدةُ صَفْوانةٌ، بمنزلةِ تمرةٍ وتمرٍ، ونخلةٍ ونخلٍ، ومن جعَله واحدًا جمعَه: صِفْوانٌ وصُفِيٌّ وصِفِيٌّ، كما قال الشاعرُ (٨):
(١) في م، والدر المنثور: "ولا". (٢) في ص، م، والدر المنثور: "لا". (٣) في ص، م: "لم ذاك". (٤) في ص، م: "من". (٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٣٩ إلى المصنف وابن المنذر. (٦) في م: "جمع". (٧) في الأصل: "جمعا". (٨) تقدم في ٢/ ٧٠٩.