حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾. يقولُ: مِن بعدِ ما أراهم اللهُ مِن إحياءِ الموتى، وبعدَ ما أراهم مِن أمْرِ القَتيلِ ما أراهم، ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ (١).
[حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة في قولِه: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ﴾: من بعدِ هذه الآيةِ، ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾](٢).
[حدَّثنى المثنَّى، قال: حدثنا آدمُ، قال: حدثنا أبو جعفرٍ، عن الربيعِ، عن أبى العاليةِ في قولِه: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾](٣).
القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾.
يعنى بقولِه: ﴿فَهِىَ﴾. قلوبَكم، يقولُ: ثم صلُبتْ قلوبُكم -بعدَ إذ رأيتُم الحقَّ فتبيَّنْتُموه وعَرَفْتُموه- عن الخُضوعِ له والإذعانِ لواجبِ حقِّ اللهِ عليكم، فقلوبُكم كالحجارةِ صلابةً ويُبْسًا، وغِلَظًا وشِدَّةً، أو أشدُّ صلابةً -يعنى قلوبَكم- عن الإذعانِ لواجبِ حقِّ اللهِ عليهم، والإقرارِ له باللازمِ مِن حقوقِه لهم من الحجارةِ.
فإن سأل سائلٌ فقال: وما وجهُ قولِه: ﴿فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ و"أوْ" عند أهلِ العربيةِ إنما تأتى في الكلامِ لمعنى الشكِّ، واللهُ تعالى جل ذكرُه غيرُ جائزٍ في خبرِه الشكُّ؟
قيل: إن ذلك على غيرِ الوجهِ الذى توهَّمْتَه مِن أنه شكٌّ مِن اللهِ جل ذكرُه فيما
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٤٦ (٧٥٧) من طريق شيبان، عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٨١ إلى عبد بن حميد. (٢) سقط من: م، ت ٢. والأثر في تفسير عبد الرزاق ١/ ٥٠، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٤٦ (٧٥٨) عن الحسن بن يحيى به. (٣) سقط من: م.