حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ (١)، عن جويبرٍ، عن الضحاكِ: ﴿فَاسْلُكُوهُ﴾. قال: السَّلْكُ: أَنْ تَدخُلَ السِّلْسِلَةُ فِي فِيه، وتَخْرُجَ مِن دُبُرِه (٢).
وقيل: ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ﴾. وإنما تُسْلَكُ السِّلْسِلَةُ في فِيه، كما قالت العربُ: أَدْخَلْتُ رَأْسى فى القَلَنْسُوَةِ. وإِنما تَدْخُلُ القَلَنْسُوَةُ في الرأْسِ، وكما قال الأعشى (٣):
إذَا مَا السَّرابُ ارْتَدَى بالأَكَمْ
وإنما [يَرْتَدى الأَكَمُ](٤) بالسَّرابِ، وما أشبَه ذلك، وإنما قيل ذلك كذلك لمعرفةِ السامعين معناه، وأنه لا يُشْكِلُ على سامعِه ما أراد قائلُه.
وقولُه: ﴿إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾. يقولُ: افْعَلوا ذلك به، جزاءً له على كفرِه باللهِ في الدنيا، إنه كان لا يُصَدِّقُ بوحدانيةِ اللهِ العظيمِ.
يقولُ تعالى ذكرُه مخبِرًا عن هذا الشَّقيِّ الذى أُوتِي كتابَه بشمالِه: إنه كان في الدنيا لا يَحُضُّ الناسَ على إطعامِ أهل المسكنةِ والحاجةِ.
وقولُه: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: فليس له اليومَ، وذلك يوم القيامةِ، ﴿هَاهُنَا﴾. يعنى: فى الدار الآخرةِ، ﴿حَمِيمٌ﴾. يعنى: قريبٌ يَدْفَعُ
(١) بعده فى م: "عن ابن المبارك عن مجاهد". (٢) ذكره الطوسي في التبيان ١٠/ ١٠٥. (٣) ديوانه ص ٣٧ وفيه: *إذا ما ارتدى بالسراب الأكم* (٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يريد كالأكم".