وذُكِر عن الحسن البصرى أنه كان يقرأُ ذلك:(لَيَنْبَذانِّ في الحُطَمَةِ). يعنى هذا الهمزةَ اللمزةَ ومالَه؛ فثنَّاه لذلك (١).
وقوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ﴾. يقولُ: وأيُّ شيءٍ أشْعَرَك يا محمد ما الحطمةُ؟ ثم أخبره عنها ما هي، فقال جلَّ ثناؤُه:
هي ﴿نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ﴾. يقولُ: التي يطَّلِعُ ألمُها ووَهَجها القلوب.
والاطلاعُ والبلوغُ قد يكونان بمعنًى؛ حُكى عن العرب سماعًا: متى طَلَعْتَ أرضنا؟ و: طلعت أرضى. بلغتُ.
وقوله: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّوْصَدَةٌ﴾. يقول تعالى ذكرُه: إن الحطَمة التي وصفتُ صفتها، ﴿عَلَيْهِم﴾. يعنى: على هؤلاء الهمازين اللمَّازين، ﴿مُوْصَدَةٌ﴾. يعنى: مُطبقَةٌ، وهى تُهمَزُ ولا تُهمَزُ، وقد قُرئنا جميعًا (٢).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا طَلْقٌ، عن ابن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس في: ﴿مُوْصَدَةٌ﴾. قال: مُطبَقَةٌ (٣).
حدثني عبيد بن أسباط، قال: ثني أبي، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية في
(١) قراءة الحسن البصرى شاذة لمخالفتها رسم المصحف، وينظر إتحاف فضلاء البشر ص ٢٧٤. (٢) قرأ ابن كثير وابن عامر ونافع وعاصم في رواية أبي بكر والكسائي وأبو جعفر: (موصدة) بغير همز، وقرأ أبو عمرو ويعقوب وحمزة وخلف وحفص عن عاصم: مؤصدة بالهمز. النشر ١/ ٣٠٦. (٣) تقدم تخريجه في ص ٤٣٢.