أَحْسِرُها [وأَحْسُرُها](١) حَسْرًا. وذلك إذا أَنْضَيْتَه (٢) بالسيرِ. وحَسَرْتُه بالمسألةِ؛ إذا سألتَه فألحفتَ. وحَسَرَ البصرُ فهو يَحْسِرُ، وذلك إذا بلَغ أقصى المَنظرِ فكَلَّ. ومنه [قولُه ﷿](١): ﴿يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ [الملك: ٤]. وكذلك ذلك في كلِّ شيءٍ كَلَّ وأَزْحَف (٣) حتى يُنْقَى (٤)
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا هوذةُ، قال: ثنا عوفٌ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾. قال: لا تجعَلْها مغلولةً عن النفقةِ، ﴿وَلَا تَبْسُطْهَا﴾: تُبَذِّرُ، تُسْرِفْ (٥).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يوسفُ بنُ بَهْزٍ، قال: ثنا حَوشبٌ، قال: كان الحسنُ إذا تلا هذه الآيةُ: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾. يقولُ: لا تُطَفِّف (٦) برزقي عن غيرِ رِضاى، ولا تضعْه في سُخْطى فأسلُبَك ما في يديك، فتكونَ حسيرًا ليس في يديك منه شيءٌ.
حدَّثني محمدُ بن سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثني عمِّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ
(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف. (٢) في ص، ت ١: "أنصبته". (٣) أزحف: أعيا. ينظر اللسان (ز ح ف). (٤) في م: "يضنى"، وفي ت ٢: "بيعا"، وغير منقوطة في ت ١، ومنه حديث الأضحية: "الكسير التي لا تنقى". أي التي لا مخ لها، لضعفها وهزالها. النهاية ٥/ ١١١. (٥) في م: "بسرف". (٦) في ت ١: "تضيف"، وفي ت ٢، ف: "نظيف"، وكذا في ص ولكن من غير نقط.