أبانٍ، عن عكرمةَ في قولِه: ﴿وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾. قال: سجودُ بعضِهم لبعضٍ (١).
وأما قولُه: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾. فإنه يعْنى: فإن توَلَّى الذين تَدْعُونهم إلى الكلمةِ السواءِ عنها وكفَروا، فقولوا أنتم أيُّها المؤمنون لهم: اشْهَدوا علينا بأنّا بما تولَّيْتُم عنه؛ مِن توحيدِ اللهِ، وإخلاصِ العُبودةِ له، وأنه الإلهُ الذي لا شَريكَ له، ﴿مُسْلِمُونَ﴾، يعني: خاضِعون للهِ به، مُتَذَلِّلون له بالإقرارِ بذلك، بقلوبِنا وألسنتِنا.
وقد بيَّنا معنَى "الإسلامِ" فيما مضَى، ودلَّلْنا عليه بما أغْنَى عن إعادتِه (٢).
قال أبو جعفرٍ: يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ﴾: يا أهلَ التوراةِ والإنجيلِ. ﴿لِمَ تُحَاجُّونَ﴾: لم تُجادِلون ﴿فِي إِبْرَاهِيمَ﴾، وتُخاصِمون فيه؟ يعني: في إبراهيمَ خليلِ الرحمنِ صلواتُ اللهِ عليه.
وكان حِجاجُهم فيه ادِّعاءَ كلِّ فريقٍ مِن أهلِ هذين الكتابين أنه كان منهم، وأنه كان يَدِينُ دينَ أهلِ نِحْلته (٣)، فعابَهم اللهُ ﷿ بادِّعائِهم ذلك، ودلَّ على مُناقضتِهم ودَعْواهم، فقال: وكيف تَدَّعون أنه كان على ملَّتِكم ودينِكم، و (٤) دينُكم إما يهوديةٌ أو نصرانيةٌ، واليهوديُّ منكم يَزْعُمُ أَن دينَه إقامةُ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٧٠ (٣٦٣٥) من طريق حفص بن عمر به. (٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٤٣٢. (٣) في س: "ملته". (٤) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أما"، وبعده في س: "ما".