واحدُه وجَمْعُه بلفظٍ واحدٍ كان نظيرَ قولِهم: رجلٌ عَدْلٌ، وقومٌ عَدْلٌ. ورجلٌ فِطْرٌ. وقومٌ فِطْرٌ (١). وما أَشبهَ ذلك من الأسماءِ التي يأتي مُوَحَّدًا في اللفظِ واحدُها وجمعُها، وكما قال العباسُ بنُ مِرْداسٍ (٢):
يعنى جل ثناؤه بذلك: هؤلاءِ الذين كفَروا أصحابُ النارِ الذين يُخَلَّدُون فيها - يَعنى: في نارِ جهنمَ - دونَ غيرِهم من أهلِ الإيمانِ، إلى غيرِ غايةٍ ولا نهايةِ أبدًا.
يعني جل ثناؤُه بقولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ﴾: ألم ترَيا محمدُ بقلبِك إلى الذي حاجَّ إبراهيمَ؟ يَعنى الذي خاصَم إبراهيمَ - يعنى إبراهيمَ نبيَّ اللَّهِ ﷺ في ربِّه؛ ﴿أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ﴾. يعنى بذلك: حاجَّه فخاصمَه في ربِّه؛ لأنَّ اللَّهَ آتاه الملكَ.
وهذا تَعْجِيبٌ من اللَّهِ تعالى ذكرُه نبيَّه محمدًا ﷺ مِن الذي حاجَّ إبراهيمَ في ربِّه، ولذلك أُدْخِلَت ﴿إِلَى﴾ في قولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ﴾. وكذلك تفعلُ العربُ إذا أرادتِ التَّعْجِيبَ من رجلٍ في بعضِ ما أَنكرَتْ مِن فَعْلِه، قالوا: أَمَا ترَى
(١) أي مفطرون. ينظر اللسان (ف ط ر). (٢) مجاز القرآن ١/ ٧٩، واللسان (أ خ و). (٣) الإحن جمع إحنة، وهي الحقد. القاموس المحيط (أ ح ن).