شدَّ عليكم ووثَب بظلمٍ، فاعْدُوا عليه، أيْ: فشُدُّوا عليه وثِبوا بحقٍّ (١)؛ قِصاصًا لما فعَل بكم لا ظلمًا. ثم تَدْخُلُ التاءُ في "عَدا"، فيقالُ: افتعَل مكانَ "فعَل"، كما يقالُ: اقترَب هذا الأمرُ. بمعنى: قرُب، واجتلَب كذا. بمعْنى: جلَب، وما أشبَهَ ذلك.
يعني جلَّ ثناؤُه بذلك: واتّقُوا اللهَ أيُّها المؤمنونَ في حُرُماتِه وحدودِه أن تعَدَّوا فيها، فتَتَجاوَزُوا فيها ما بَيَّنَه وحدَّه لكم، واعلَمُوا أنَّ اللهَ يحِبُّ المتقين الذين يَتَّقونه بأداءِ فرائضِه وتجنُّبِ محارمِه.
اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ هذه الآيةِ، ومَن عُنِي بقوله: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾؛ فقال بعضُهم: عُنِي بذلك ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾. وسبيلُ اللهِ طريقُه الذي أمَر أن يُسْلَكَ فيه إلى عدوِّه مِن المشركِين لجهادِهم وحربِهم، ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾. يقولُ: ولا تَتْرُكُوا النفقةَ في سبيلِ اللهِ، فإنَّ اللهَ يعوِّضُكم منها أجرًا، ويَرزُقُكم عاجلًا.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني أبو السائبِ والحسنُ بنُ عرفةَ، قالا: ثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن شقيقٍ (٢)، عن حذيفةَ: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾. قال: يَعْني في تركِ
(١) في م، ت ١: "نحوه". (٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "سفيان".