﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾. قال: يقولُ: وأنتم أَولى باللَّهِ منهم (١).
ذكرُ مَن قال: معنى قولِه: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾: أنتم الغالبون الأعزُّ منهم
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾. قال: الغالبون، مثلَ يومِ أحدٍ تكونُ عليهم الدائرةُ (٢).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾. قال: هذا منسوخٌ. قال: نسَخه القتالُ والجهادُ. يقولُ: لا تَضْعُفْ أنت وتَدْعوَهم أنت إلى السلمِ وأنت الأعلى. قال: وهذا حينَ كانت العهودُ والهدنةُ فيما بينَه وبينَ المشرِكين قبلَ أن يكونَ القتالُ، يقولُ: لا تَهُنْ فتَضْعُفَ فيَرى أنك تَدْعوه إلى السلمِ، وأنت فوقَه وأعزُّ منه، ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾: أنتم أعزُّ منهم، ثم جاء القتالُ بعدُ فنسَخ هذا أجمَعَ، فأمَره بجهادِهم والغلظةِ عليهم.
وقد قيل: عُنِى بقولِه: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾: وأنتم الغالبون آخرَ الأمرِ، وإن غلَبوكم في بعضِ الأوقاتِ، وقهَروكم في بعضِ الحروبِ.
وقولُه: ﴿فَلَا تَهِنُوا﴾ جُزِم بالنهى.
وفى قولِه: ﴿وَتَدْعُوا﴾ وجهان؛ أحدُهما: الجزمُ على العطفِ على: ﴿تَهِنُوا﴾. فيكونُ معنى الكلامِ فلا تَهِنوا ولا تَدْعوا إلى السلمِ. والآخرُ:
(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٢٤ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٦٧ إلى عبد بن حميد. (٢) تفسير مجاهد ص ٦٠٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٦٧ إلى عبد بن حميد.