يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: ويسألُك الكفارُ باللَّهِ مِن أهلِ الكتابِ عن الرُّوحِ ما هي؟ قلْ لهم: الرُّوحُ مِن أمرِ ربى، وما أُوتيتُم أنتم وجميعُ الناسِ من العلمِ إلَّا قليلًا.
وذُكِر أن الذين سألُوا رسولَ اللهِ ﷺ عن الرُّوحِ فنزَلت هذه الآيةُ بمسألتِهم إيّاه عنها كانوا قومًا مِن اليهودِ.
ذكرُ الروايةِ بذلك
حدَّثنا أبو هشامٍ، قال: ثنا وكيعٌ قال: ثنا الأعمشُ، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ، عن عبدِ اللَّهِ، قال: كنتُ مع النبيِّ ﷺ في حرثٍ (١) بالمدينةِ، ومعه عَسِيبٌ (٢) يتوكَّأُ عليه، فمرَّ بقومٍ من اليهودِ، فقال بعضُهم: سَلُوه عن الرُّوحِ. وقال بعضُهم: لا تسْألُوه. فقام متوكِّئًا على عَسيبِه، فقمتُ خلفَه، فظنَنتُ أنه يُوحَى إليه، فقال: " ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥)﴾. فقال بعضُهم لبعضٍ: ألم نقلْ لكم: لا تسألُوه (٣)؟
(١) في ف: "حرب". قال النووى في شرح مسلم ١٧/ ١٣٧: اتفقت نسخ صحيح مسلم على أنه حرث بالثاء المثلثة، وكذا رواه البخاري في مواضع، ورواه في أول الكتاب في باب (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا): خرب. بالباء الموحدة والخاء المعجمة، جمع خراب، قال العلماء: الأول أصوب، وللآخر وجه، ويجوز أن يكون الموضع فيه الوصفان. (٢) عسيب: جريدة من النخل، وهى السعفة مما لا ينبت عليه الخوص. النهاية ٣/ ٢٣٤. (٣) أخرجه أحمد ٦/ ٢١٤ (٣٦٨٨)، والبخاري (٧٤٥٦)، ومسلم (٢٧٩٤/ ٣٣)، وأبو يعلى (٥٣٩٠)، من طريق وكيع به. وأخرجه البخاري (١٢٥، ٤٧٢١، ٧٢٩٧، ٧٤٦٢)، ومسلم (٢٧٩٤/ ٣٢)، والترمذي (٣١٤١)، والنسائي في الكبرى (١١٢٩٩)، وفى تفسيره (٣١٩)، وابن حبان (٩٨)، والواحدي في أسباب النزول ص ٢٢٠ من طرق عن الأعمش به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٩٩ إلى ابن المنذر وابن مردويه وأبى نعيم والبيهقي معًا في الدلائل.