﴿أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ﴾ [هود: ٦٠]. ولم يَقُلْ: بربِّهم. وكما قالوا: مدَدْتُ الزِّمامَ، ومدَدْتُ بالزِّمامِ. وما أشْبَهَ ذلك مِن الكلامِ.
وأما قولُه: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه ﷺ: بَلِّغْ قومَك ما أُرْسِلتَ به، واكْفُفْ عن حربِ المشركين باللَّهِ وقتالِهم. وذلك قبلَ أن يُفْرَضَ عليه جهادُهم، ثم نسَخ ذلك بقولِه: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥].
كما حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾: وهو مِن المنسوخِ (١).
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا سويدٌ، قال: أخبَرنا ابن المباركِ، عن جويبرٍ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾. ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ [الجاثية: ١٤]: وهذا النحوُ كلُّه في القرآنِ، أمَر اللَّهُ تعالى ذكرُه نبيَّه ﷺ أن يكونَ ذلك منه، ثم (٢) أمَره بالقتالِ، فنسَخ ذلك كلَّه، فقال: ﴿فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ﴾ (٣) الآية [النساء: ٨٩].
يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: إنا كفَيْناك المستهزئين يا محمدُ، الذين يَسْتَهْزِئون بك، ويَسْخرون منك، فاصْدَعْ بأمرِ اللَّهِ، ولا تَخَفْ شيئًا سوى اللَّهِ،
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٠٦ إلى ابن أبي حاتم وأبي داود في ناسخه. (٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "في". (٣) تقدم في ص ١٠٦.